ينبغي على المؤمن أن يتعهد إيمانه و يقيسه و يعرف مستواه كل فترة و حال عن طريق تفقده في مواضع الطاعة و إتباع الشرع فيتفقد قلبه: عند تلاوة القرآن ، وعند الصلاة ، و عند الصدقة ، و عند رؤية المساكين و المحزونين ،
فان تحرك قلبه و أقبل على فعل الطاعة فإيمانه على خير و إن لم يكن كذلك فليحزن وليعلم أن قلبه قد أصابه نوع من البلاء.
وكذلك يتفقد قلبه عند مواطن الفتنة :
عند الفتن و المحرمات عند الشبهات ، عند الأموال المحرمة ، و عند فعل الفواحش إلى غير ذلك ،
فإن وجد نفسه على خير حمد الله و استزاد من الخير و إن وجد نفسه مضيعا استرجع و جدد إيمانه و أصلح قلبه.
وهناك مقياس آخر أيضا يتبين فيه المؤمن حال إيمانه :
عن طريق طلب النصيحة و الموعظة من أخيه المؤمن ، فإن المؤمن مرآة أخيه فيطلبه النصيحة و يستنصح ممن يثق بقصده و محبته و يسأله أن يبين له حاله و أن ينصحه و أن يعظه ،
و أن يبين له إن كان ثمة خلل في إيمانه أو كان قائما على شيء من الذنوب الظاهرة ، وقد كان السلف الصالح كثيرا ما يفعلون ذلك .
و قد قال النبي صلى الله عليه و سلم :
(من سرته حسنته و ساءته سيئته فذلك المؤمن)
رواه الترمذي
أما الفاجر و المنافق فلا يهتم بإيمانه و العياذ بالله و لا يشتغل به و لا يقيم له أي وزن ،
لأن قلبه مشغول باللهو و الباطل و جمع حطام الدنيا عياذاً بالله .
قال ابن مسعود رضي الله عنه كما في صحيح البخاري :
(إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا)
أي دفعه بيده.
فالله الله إخواني في الله عز جل ،
الله الله في تفقد إيمانكم و إصلاح قلوبكم و أحوالكم ،
الله الله من الاستكثار من الصالحات و التزود من طلب العلم و إتباع السنة و تلاوة القرآن و الذكر ،
الله الله في عمل الخيرات في الإنفاق في سبيل الله عز و جل و في نصرة المظلوم وفي دفع الحزن عن المحزون ؛
إلى غير ذلك من الأعمال الطيبة فإن الإيمان إذا زاد أصبح عند المؤمن حاجز كبير دون الوقوع في المحرمات و كبائر الذنوب ،
و أصبح عنده حافز في فعل الفرائض في أوقاتها وعمل السنن و النوافل و صار عنده حافز قوي على الحرص على طلب العلم و على التزود من مجالس الإيمان .
أما إذا خبا الإيمان و قل و صار ضعيفاً فإن المؤمن يصبح سريعا إلى الغفلة و الوقوع في المعصية و العياذ بالله ،
زاهداً في أهل العلم ، زاهداً في مجالس الإيمان ، زاهداً في الدعوة إلى الله عز و جل ، زاهداً في عمل في الصالحات.
فأسأل الله تبارك و تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبنا ؛
و أن يرزقنا علماً نافعاً و عملاً صالحاً و قلباً شاكراً و لساناً ذاكراً و إتباعاً للسنة و عملاً صالحاً ؛
و أسأله تبارك و تعالى أن يهدينا إليه و أن يجعلنا هداة مهتدين في السر و العلن .
والله أعلم
و صلى الله و سلم على النبي محمد وعلى آله و صحبه أجمعين .