تزوجت
بدور وهي في السابعة عشرة من عمرها، كانت صغيرة في السن لكنها تحمل بين
جنباتها قلبا كبيرا يتسع لحب كل البشر، وعقلا يوازي عقل امرأة ناضجة.
منذ
طفولتها وهي تتمتع بهدوء وبشاشة وحسن تصرف. حتى عندما شب عودها وخرجت من
مرحلة الطفولة إلى مرحلة الصبا كانت شديدة التعقل ورجاحة العقل.. كلماتها
محسوبة، هادئة، ومتزنة في تعاملاتها.. لكل صفاتها هذه سعد بها زوجها وشعر
بأنها الزوجة التي كان يحلم بها طوال عمره. فهي مؤدبة جدا، حلوة اللسان
والقول والفعل، تحب زوجها بشدة وتبذل قصارى جهدها لإسعاده وتوفير الجو
المناسب والهادىء له في المنزل.
لكن المشكلة الوحيدة التي قابلت بدور
وعكرت صفو حياتها مع زوجها، هي إنجابها لثلاث بنات متتاليات، وزوجها
وعائلته معروفون بحبهم لإنجاب الذكور.
مع إنجاب كل طفلة كانت بدور تتألم
كثيراً من أجل زوجها الذي كان في البداية لا يبدي اهتمامه أو حزنه أمامها
حتى لا يجرح شعورها، لكن مع إنجاب الطفلة الثالثة أظهر غضبه وثورته أمام
زوجته.
شعرت بدور بالأسى من أجل زوجها، لكنها لا حول لها ولا قوة،
فماذا تفعل مع إرادة الله في إنجاب الفتيات؟ حاولت أن تهدىء من روع زوجها
وتحيطه بالحب والاهتمام الزائد حتى تمر أزمة إنجابها للطفلة الثالثة.
عندما
نجحت بدور في إجلاء الحزن والألم عن نفس زوجها، قررت أن تقوم بمحاولة
رابعة للحمل وتوسمت خيراً في أن يكون المولود ذكرا يسعد قلب زوجها ويدخل
السعادة على نفسها وعلى حياة زوجها. لكن قدر الله أن تضع مولودتها الرابعة.
كان زوجها خارج البلاد عندما وضعت بدور طفلتها، وعندما هاتفها تلفونيا أبلغته بأنها وضعت طفلاً ذكرا.
اضطرت
الى الكذب عليه وهي لا تعرف ماذا ستفعل وكيف ستواجه زوجها، خاصة انه أبلغ
أسرته بقدوم الطفل الذي يريده.. طفل ذكر سيحمل اسمه، فعمت الفرحة قلوب أسرة
زوجها وبدأوا الاستعداد لاستقبال الطفل الذهبي الغالي الذين كانوا
ينتظرونه.
احتارت بدور ماذا تفعل، وتفتق ذهنها عن فكرة شيطانية تنقذها
من محنتها. غافلت جارتها التي وضعت طفلها الذكر قبل أيام وخطفت الطفل أثناء
انشغال الأم بتجهيز واجب الضيافة لجارتها، واخذته إلى منزلها. اشتعل قلب
الجارة على طفلها، وأسرعت إلى بدور التي أنكرت معرفتها بمكان الطفل وعللت
خروجها من المنزل بسرعة بانها تريد العودة إلى طفلها الذي سمعته يبكي مع
الخادمة. لكن الجارة لم يهدأ قلبها، فتوجهت فورا إلى المخفر لتقدم بلاغا ضد
بدور تتهمها فيه بخطف طفلها الوليد.
توجه رجال الشرطة إلى منزل بدور
وفتشوه لكنهم لم يعثروا على الطفل. لكن قدرة الله كانت اقوى من ذكاء بدور
التي اخفت الطفل في غرفة الخادمة، والذي كان يصرخ بأعلى صوته كأنه يطلب
الإنقاذ والمساعدة.
هرع رجال الشرطة إلى مكان الصوت، فعثروا على الطفل المخطوف. واقتيدت بدور إلى المخفر بتهمة خطف طفل وقدمت للمحاكمة.
لم
يتوان الزوج عن الانفصال عن زوجته بدور، فطلقها وحصل على حضانة البنات
الأربع بموجب دخولها السجن لأنها غير آهلة لتربية بناته. أما بدور فأصدرت
المحكمة حكماً عليها بالسجن خمسة أعوام مع الشغل والنفاذ.