السلام عليكم و رحمة الله
اخوتي في الله .. لي و لكم
جاء في كتاب الفوائد لابن القيم الجوزية
أساس كل خير أن تعلم أن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن
فتيقن حينئذ أن الحسنات من نعمه فتشكره عليها وتتضرع اليه أن لا يقطعها عنك
وان السيئات من خذلانه وعقوبته فتبتهل اليه أن يحول بينك وبينها
ولا يكلك في فعل الحسنات وترك السيئات الى نفسك
وقد أجمع العارفون على أن كل خير فأصله بتوفيق الله للعبد وكل شر فأصله خذلانه لعبده
وأجمعوا أن التوفيق أن لا يكلك الله نفسك
وان الخذلان أن يخلي بينك وبين نفسك
فاذا كان كل خير فأصله التوفيق وهو بيد الله إلى نفسك وأن لا بيد العبد
فمفتاحه الدعاء والافتقار وصدق اللجأ والرغبة والرهبة اليه فمتي أعطى العبد هذا المفتاح فقد أراد أن يفتح له ومتي أضله عن المفتاح بقى باب الخير مرتجا دونه
قال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب اني لا أحمل هم الاجابة ولكن هم الدعاء فاذا ألهمت الدعاء فان الاجابة معه
وعلى قدر نية العبد وهمته ومراده ورغبته فى ذلك يكون توفيقه سبحانه
واعانته فالمعونة من الله تنزل علي العباد علي قدر هممهم وثباتهم ورغبتهم ورهبتهم
والخذلان ينزل عليهم على حسب ذلك
فالله سبحانه أحكم الحاكمين وأعلم العالمين يضع التوفيق في مواضعه اللائقة به والخذلان في مواضعه اللائقة به هو العليم الحكيم
وما أتي من أتي الا من قبل أضاعة الشكر وإهمال الافتقار والدعاء ولا ظفر من ظفر بمشيئة الله وعونه الا بقيامة بالشكر وصدق الافتقار والدعاء
وملاك ذلك الصبر فانه من الايمان بمنزلة الرأس من الجسد فاذا قطع الرأس فلا بقاء للجسد
ما ضرب عبد بعقوبة أعظم من قسوة القلب والبعد عن الله
خلقت النار لاذابة القلوب القاسية
أبعد القلوب من الله القلب القاسي
اذا قسي القلب قحطت العين
قسوة القلب من أربعة أشياء اذا جاوزت قدر الحاجة الأكل والنوم والكلام والمخالطة قلبه
فليؤثر الله على شهوته القلوب المتعلقة بالشهوات محجوبة عن الله بقدر تعلقها بها
القلوب آنية الله فى أرضه فأحبها اليه أرقها وأصلبها وأصفاها
شغلوا قلوبهم بالدنيا ولو شغلوها بالله والدار الآخرة لجالت فى معاني كلامه وآياته المشهودة ورجعت الي أصحابها بغرائب الحكم وطرف الفوائد
اذا غذى القلب بالتذكر وسقى بالتفكر ونقى من الدغل رأى العجائب وألهم الحكمة
ليس كل من تحلى بالمعرفة والحكمة وانتحلها كان من أهلها بل أهل المعرفة والحكمة الذين أحيوا قلوبهم بقتل الهوى
وأما من قتل قلبه فأحيى الهوى .. المعرفة والحكمة عارية على لسانه
خراب القلب من الأمن والغفلة وعمارته من الخشية والذكر
اذا زهدت القلوب فى موائد الدنيا قعدت علي موائد الآخرة بين أهل تلك الدعوة
واذا رضيت بموائد الدنيا فاتتها تلك الموائد